العدد 12177 - الثلاثاء 26
يوليو 2011 الموافق 25 شعبان 1432
مقترح انشاء هيئة مكافحة
الفساد.. خيارات ممكنة (2)
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تحدثنا في مقال سابق عن أربعة نماذج مستخدمة في مكافحة الفساد. ورأينا انه من المناسب
في هذا المقال التطرق الى النماذج بشيء من التفصيل لنبين للقارئ بعض المتطلبات المنظومية
لنجاح جهود مكافحة الفساد.
يعتبر الفساد احد اهم عوائق التنمية وضياع الموارد المحدودة للدول والشعوب. لكن هل
الفساد مشكلة في حد ذاته ام انه نتيجة لمشكلة اكبر تبدأ في النظام السياسي في الدولة
وفي كيفية ادارتها للشئون المالية ولثرواتها الطبيعية ومفهومها لهذه الثروة وعلاقتها
بالشعوب وبالحكام؟ يتعرض الكثير من الموارد للفساد لكن الجوانب الاكثر عرضة هي ادارة
المصروفات والايرادات والاملاك العامة، ادارة المناقصات والمشتريات العامة، اسلوب التدقيق
ونظامه وصلاحياته، كيفية التعامل مع تضارب المصالح وخصوصا في الاجهزة التنفيذية في
الدولة.
عودة للنماذج الاربعة التي تحدثنا عنها فان نموذج هونج كونج الذي تأسس عام 1974 هو
الاكثر شمولية وفعالية ويقوم بثلاث وظائف هي التحري والتحقيق، والوقاية، والارشاد والتثقيف.
يتطلب تطبيق هذا النموذج وجود اطار قانوني واضح وقوي وفعال مع صلاحيات واسعة للتحري
في جميع شكاوى وحالات الفساد وتقديم الادلة الى الادعاء العام. يعتبر هذا الجهاز كبيرا
ومكلفا فهو يتالف من 1200 شخص بميزانية تقدر ب 90 مليون دولار ويتم انتقاء موظفيه وفق
اختبارات خاصة وصارمة، ولا يحق لهم العمل في الحكومة بعد انتهاء عقودهم. يقوم الجهاز
بمهامه من خلال ثلاث ادارات، الاولى ادارة التحري وهي الاكبر وادارة الوقاية التي تقوم
بمراجعة القوانين وتقديم مقترحات لتعديلها، وادارة العلاقات المجتمعية التي تتواصل
مع المجتمع حول التغييرات في القوانين وشرح اسبابها وبناء الوعي حول مخاطر الفساد وكيفية
محاربته. يقدم تقاريره الى البرلمان والحكومة ويخضع لمراقبة برلمانية من خلال لجان
اشرافية. اثبت هذا الجهاز نزاهته واستقلاليته بمتابعة كبار المسئولين وجعل هونج كونج
من اكثر دول آسيا خلوا من الفساد بالرغم من اقتصادها الحر.
نموذج اخر في سنغافورة تم انشاؤه عام 1950 على اثر حالة فساد تورط فيها مفتش الشرطة.
لم يستطع الجهاز الحد من الفساد الى عام 1970 عندما اعيد تنظيمه على عقيدة تنموية تتكون
من اربع نقاط تعتبر مكافحة الفساد:
1- جزءا لا يتجزأ من الحكم الرشيد لصالح المواطن.
2- لها اهمية كبيرة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية.
3- تعطي دفعة قوية للتنافسية وجذب المستثمرين.
4- تساهم في تطبيق معيار الكفاءة والمساواة في التوظيف والتعيينات.
تم منح الجهاز الكثير من الصلاحيات من ضمنها التحقيق وتقديم المتهم الى النيابة، ومصادرة
الاموال والاراضي التي تعرضت للفساد من المفسدين، وتجريم اي اموال تدفع لاي جهة او
موظف حكومي وزيادة مدة السجن والغرامات. بالرغم من صغر حجمه، الذي لا يتجاوز 75 شخصا،
والنظام السياسي شبه الشمولي فإنه نجح في تخليص البلاد من آفة الفساد. يُرجع المراقبون
هذا النجاح الى اصرار القيادة السياسية على محاربة الفساد وايمانها بانه اخطر اعداء
التنمية. يرتبط الجهاز برئيس الوزراء مباشرة ويستمد قوته منه. مساوئ هذا النظام انه
يفتقر الى الشفافية وغياب اي لجان اشرافية برلمانية ويعتمد في نجاحه بشكل اساسي على
نظافة يد رئيس الوزراء ونزاهته الذي استطاع ان يبني ثقافة تقوم على مبدأ «النزاهة اساس
التنمية».
النموذج الثالث مستخدم في استراليا )selaW htuoS weN( ووضع بالدرجة الأولى للتصدي لتغلغل
تجارة المخدرات وانغماس رجال الشرطة والقضاة والبرلمانيين في انشطتها. انشئ الجهاز
في 1987 على غرار ما هو موجود في هونج كونج، لكنه يختلف من حيث التركيز في الوقاية
بدلا من التحري والتحقيق. لاقى نجاحا كبيرا واكتسب مصداقية عندما استطاع ان يدين المسئول
الذي اسس الهيئة وهو رئيس الوزراء في قضية توظيف شخص لا يستحق الوظيفة مما اجبره على
الاستقالة. اعتمد الجهاز ثلاثة مبادئ لمحاربة الفساد هي الوقاية أفضل من العلاج، الوقاية
أفضل من العقاب، الوقاية أفضل من ادارة الفساد. يقدم تقارير سنوية الى البرلمان، ويعمل
تحت اشراف لجنتين الاولى برلمانية والاخرى لجنة مراقبة العمليات لمنع استبدادها في
المجتمع. كما يحدد نظامها استبدال رئيسها بعد مدة محددة.
النموذج الرابع الأمريكي يعتمد على تعدد الاجهزة والتي تقوم بالمهام الثلاث وهي التحري
والوقاية والارشاد. في عام 1978 تم تأسيس جهاز أخلاقيات الحكومة )EGO( المعني بمراقبة
حالات تضارب المصالح واقتراح القوانين المحددة له. هناك كذلك جهاز مكافحة الفساد يقوم
بالتحريات وتوضيح القانون للمواطنين ويرسل الحالات التي يشك فيها الى وزارة العدل للتحقيق.
كذلك يعتمد المجتمع في مكافحة الفساد على الصحافة والرأي العام الذي اثبت في كثير من
الحالات قدرته على اكتشاف حالات الفساد.
تبنى الكثير من الدول احد هذه النماذج لكن التجارب تبين ان الدول التي نجحت في محاربة
الفساد هي اولا: تلك التي تصرفت من وحي قناعة قياداتها ومطالبة داخلية بأهمية القضاء
على الفساد لخدمة التنمية وليس لتحسين السمعة في الخارج او استجابة لضغوط البنك الدولي
او اي جهة خارجية. ثانيا هي الدول التي تمكنت من تحقيق توافق في المجتمع على اهمية
مكافحة الفساد واجراء التغييرات السياسية اللازمة لتجنيب الدولة اخطار ازمة مالية او
ازمة سياسية تهدد كيان الدولة وقياداتها السياسية للخطر. ثالثا ان الدول التي نجحت
هي الدول التي تتمتع بمجتمع مدني واع وصحافة حرة وقضاء مستقل.
اتفاقية
القانون المدني بشأن الفساد
اتفاقية
الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
الملك
يصدر قانونا هاما لمحاربة الفساد
"الشفافية"
تدعو للتصديق على قانون "الفساد"
النيابة
الكلية تتخصص في قضايا المال العام والفساد
تعديل
قانون العقوبات للتصديق على اتفاقية مكافحة الفساد
رئيس
الوزراء يشيد بدور ديوان الرقابة في حماية المال العام
الغرفـة
تدعـم توجهـات ومبـادرات القيادة بدعم القطاع الخاص ومحاربة الفساد
تشريعية
النواب» تناقش إنشاء هيئة لمكافحة الفساد اليوم
ندوة
مواءمة التشريعات لمكافحة الفساد اليوم