اخبار الخليج - العدد 11276 - الخميس 5 فبراير 2009
رؤية حول "قانون أحكام الأسرة"
بقلم: حسن العطار
في أحد الأيام من شهر مايو عام 2006 كنت في المحاكم الشرعية بوزارة العدل والشئون
ون الإسلامية بخصوص موضوع ارث، وأنا داخل غرفة المحكمة المختصة سمعت صوت امرأة في
القاعة الخارجية تدعو الله بصوت عال جدا أن ينتقم لها من القضاة الشرعيين الذين
كانوا السبب في ضياعها وتدمير حياتها.
فما كان من القاضي الذي ينظر في موضوعنا إلا أن قال تعليقا على ما سمع من المرأة من
دون رؤيتها "احبسوها"، وقتها كان بودي أن أرد عليه بالقول: ان من العدل الذي أقره
الإسلام الحنيف أن تعرف أولا الأسباب قبل أن تصدر الحكم بحبسها، ولكن التزامي
بالقانون والأدب حالا دون ذلك.
وعندما خرجنا من غرفة المحكمة قالت لي إحدى أخواتي: أتعرف لماذا تلك المرأة تدعو
على القضاة؟ لأنه صار لها سبع سنوات وهي تتردد على المحاكم الشرعية لتطليقها من
زوجها الذي سامها سوء العذاب. سألتها: وكيف عرفت ذلك؟ قالت ليتك نظرت إلى وجهها وهي
تسرد علينا (في قاعة الانتظار) مشكلتها بل مأساتها مع المحاكم الشرعية.
لقد كدنا أن نبكي شفقة عليها لما كابدته ومازالت تكابده من مذلة واهانة لولا أن
الحياء منعنا من البكاء. هذا غيض من فيض، فالمحاكم الشرعية لديها قضايا طلاق كثيرة،
ولا توجد إحصائيات عن عددها وبعض هذه القضايا وصلت مدة التقاضي فيها لأكثر من 17
سنة. هل هذا من الإسلام يا حماة الدين؟
أسوق هذه الواقعة الحقيقية على ضوء قيام الحكومة مؤخرا بسحب "قانون أحكام الأسرة"
(الذي كان يطلق عليه في الأصل قانون الأحوال الشخصية) من مجلس النواب بعد أن وقفت
كتلتا الوفاق والأصالة ضد طرحه للمناقشة قبل الوصول إلى توافق مجتمعي حوله، والحصول
على ضمانات تؤكد أن جميع مواده مستمدة من الشريعة الإسلامية وعدم تغييره في
المستقبل ضمن آليات تسمح بدخول مواد تتعارض مع الشريعة.
إن إقرار التشريعات وسن القوانين هما من سمات الحضارة والتطور في العصر الحديث،
ووسائل أساسية لتنظيم شئون المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمطالبة بإصدار
قانون أحكام الأسرة يأتي ضمن هذا السياق العام. وإصدار هذا القانون أصبح ضرورة ملحة
لمواجهة التغيرات الاجتماعية المتسارعة، وضعف الوازع الديني لدى الكثيرين ورغبة
الانتقام لدى أحد الطرفين في حالة الطلاق، حيث تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن ما
يقارب ثلث حالات الزواج تنتهي بالطلاق مخلفة وراءها كما هائلا من المشاكل الأسرية،
مما يؤكد اضطراب الوضعين الأسري والاجتماعي والحاجة إلى وجود قانون ينظم العلاقات
داخل الأسرة بحيث يعرف كل طرف حقوقه وواجباته. الهدف من تقنين المسائل الشرعية هو
أن يلتزم بها القضاة جميعا بحيث لا تحدث تناقضات في الأحكام الشرعية تتسبب في ضياع
حقوق المواطنين من الرجال والنساء والأطفال.
النسخة التي قرأتها ولاأزال أحتفظ بها زودتني بها أخت كريمة، وهي محامية لامعة ولها
باع طويل في القانون بشهادة الكثيرين ممن يعرفونها. بعد قراءتي لمواد القانون
بأكمله لم أجد فيه مادة واحدة تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وحيث اني غير ضليع لا
في العلوم الشرعية ولا الحقوقية، أحببت أن أتأكد من صحة قراءتي لمواد القانون،
فاتصلت بالأخت الكريمة التي أكدت لي بكل ثقة أن قراءتي صحيحة وأنها تتحدى أي شخص
يقول بمخالفة أي مادة من مواد القانون للشرع، بل هي كانت على استعداد تام لتشارك في
مناظرة تلفزيونية على الهواء مباشرة للرد على من يقول بغير ذلك.
أما المطالبة بضمانات تحمي مواد القانون من تغييرها بمواد مخالفة للشريعة الإسلامية
في حال سيطرة القوى العلمانية على البرلمان مستقبلا، فهناك المادة الثانية من
الدستور الذي يحظر تعديلها والتي تنص على أن "دين الدولة الإسلام، والشريعة
الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع" وبذلك فهي تعد ضمانة كبرى في أن ينشأ القانون شرعيا
وأن يبقى شرعيا.
أما الخوف من وصول العلمانيين والليبراليين إلى البرلمان في المستقبل ومحاولتهم
تغيير القانون، فأقول: كفى تهجما وإساءة لهذه الفئة من المواطنين، فالعلمانيون
والليبراليون ليسوا بملحدين أو كفار، والمتزوجون منهم تزوجوا على سنة الله ورسوله
وهم يحتكمون إلى الشريعة الغراء فيما يخص القضايا الشرعية، ولكنهم لا يؤمنون بتسييس
الدين أو إقحامه في القضايا الدنيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية
التي أمرنا الله (جلت قدرته) بأن نحتكم فيها إلى العقل الذي أنعم به علينا.
وهنا، أود أن أسأل سماحة القضاة الشرعيين: (1) هل من الإسلام أن يسرق الزوج أموال
زوجته من حسابها من دون علمها ويدفعه مهرا لزوجة ثانية، وعندما تطلب الطلاق يساومها
على تطليقها بأن تدفع له ستة آلاف دينار؟ (2) هل قال القاضي الشرعي لهذا الرجل، انه
إذا كان ادعاء زوجته عليه بسرقة مالها صحيحا، فان زواجه من المرأة الثانية باطل لأن
المهر من مال مسروق؟ (3) هل من الإسلام أن تجبر المرأة على العيش مع رجل سيئ
الأخلاق والطباع يضربها ويهينها أو مدمن مخدرات؟ وهل مثل هؤلاء الرجال يؤتمنون على
أطفال لتربيتهم وتنشئتهم؟
إن إصدار قانون أحكام الأسرة وحده غير كاف لحل المشاكل الأسرية أو التخفيف من
تبعاتها ما لم يتبعه إصلاح وتطوير نظام القضاء الشرعي المبني بإيجاز على:
1- تعيين القضاة بحسب الكفاءة العلمية والخبرة والسيرة الحسنة.
2- ابتعاث القضاة إلى دورات تدريبية في المعاهد المتخصصة في الدول العربية
والإسلامية.
3- تقويم أداء القضاة سنويا لقياس كفاءتهم ومراجعة الأحكام التي يصدرونها.
4- إنشاء محكمة شرعية مستعجلة للنظر في تنفيذ الأحكام المتعلقة بمسائل النفقة
والمسكن والحضانة.
المضحك المبكي في هذا الموضوع أن الأغلبية الساحقة ممن خرجوا في المسيرة الكبرى ضد
القانون تحت شعار "لبيك يا إسلام" في عام 2006 لم يقرأوا القانون أو يطلعوا عليه،
بل الكثير منهم لا يعرفون ما الهدف منه.
سأل بعض الناس أحد كبار فقهاء المذهب الجعفري: كيف ندير شئون دنيانا في غياب الإمام
المعصوم؟ فقال: كما يدير الحكماء شئون دنياهم.
والحكماء هم أهل الاختصاص في حقول
العلم والمعرفة كل بحسب اختصاصه. فهل نعي معنى هذا القول ونطبقه؟
دستور
مملكة البحرين
مرسوم
بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع
أشكال التمييز ضد المرأة
قرار
بإشهار جمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة
قرار
رقم (31) لسنة 1991 بشأن الترخيص بإعادة تسجيل جمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة
قانون
أحكام الأسرة يدخل النفق المجهول
الملك
الداعم الأول لإصدار قانون أحكام الأسرة
مؤتمر
لمناقشة قانون أحكام الأسرة بالمنبر الإسلامي
الحكومة
تعتزم إحالة مشروع قانون أحكام الأسرة (الأحوال الشخصية) إلى النواب