البحرين-جريدة أخبار
الخليج - الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ صفر ١٤٣٤ هـ-العدد : ١٢٦٩٥
رغم استماتة وزير
العدل في الدفاع عن المشروع..
الشورى يجهض «مكتب إدارة الدعوى»!!
أجهض مجلس الشورى مشروعاً متقدماً أمس يرمي إلى تطوير
القضاء وتخفيف العبء عن كاهل المحاكم - بحسب وزير العدل- وذلك بعد أن وافق على
توصية لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بعدم الموافقة من حيث المبدأ على مشروع
قانون بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (12) لسنة 1971 المرافق للمرسوم الملكي رقم (88) لسنة 2008.
وعلى الرغم من استماتة وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة في
الدفاع عن مشروع القانون، وبيان ميزاته، ومحاولة إقناع الشوريين بإعادته إلى اللجنة
لكي تتم تدارسه بشكل أوسع وأعمق مع ممثلين عن وزارته.. إلا أن جميع تلك المحاولات
لم تجدِ نفعا. واعترف الوزير بوجود تأخير في التقاضي ووجود شكاوى كثيرة من تراكم
الدعاوى أمام المحاكم، مؤكدا أن الحل يكمن في إيجاد مكتب لإدارة الدعوى المدنية.
ويهدف مشروع القانون إلى السيطرة المبكرة على الدعوى، من خلال مكتب إدارة الدعوى
الذي يشرف عليه قاضٍ مهمته تهيئة الدعوى ومراقبة جميع إجراءاتها ومن ثم الاجتماع مع
الخصوم وحصر نقاط الاختلاف والاتفاق وتحديد جوهر النزاع، ومن ثم تقديم تقرير بذلك
إلى قاضي الموضوع الذي يفصل في القضية.
ويستحدث مشروع القانون مادة تهدف إلى تفادي تناقض الأحكام إذ نصت على «استئناف
الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادر على خلاف حكم سابق لم
يحز قوة الأمر المحكوم به وفي هذه الحالة يعتبر الحكم السابق مستأنفا بقوة القانون
إذا لم يكن قد صار انتهائيا عند رفع الاستئناف».
وأكد الوزير: أن هذا المكتب كفيل بجعل دور المحكمة إيجابي في الدعوى بدل التسويف
والتأخير كما أن من شأنه أن يخفض كلفة تلك الدعاوى على الدولة.
وأضاف: «لا أجد مبررا لرفض اللجنة لهذا المشروع الذي نصحنا به كثير من الخبراء فضلا
عن منظمات قضائية وحقوقية أجنبية..» مؤكدا أنه لا يوجد دولة بها نظام فعال في حسم
القضايا المدنية إلا ويوجد بها مكتب دعوى.
وبيّن الوزير أن مشروع القانون هذا هو ثمرة جهد وعمل دؤوب استمر لسنوات، مؤكدا أنه
شخصيا كان يحلم بهذا المشروع منذ العام 2004 كما أن المجلس الأعلى للقضاء يساند هذا
التوجه.
إزاء ذلك، عبرّ كثير من الشوريين عن رفضهم لمشروع القانون عازين ذلك إلى ما أسموه
بـ «تغوله على القضاء» و«مخالفته لمبادئ دستورية». وقد تمكنت رئيسة اللجنة
التشريعية دلال الزايد ومقررة اللجنة رباب العريض من إقناع المجلس بمبررات قرار
اللجنة برفض المشروع.
وبينّت اللجنة أسباب عدم الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ، بقولها أن ثمة
مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث تعتري مشروع القانون، وهو ما أرساه الدستور
وأكده حوار التوافق الوطني بشأن الاستقلال الإداري والمالي للسلطة القضائية، كما في
المادة (56)، والفقرة الثانية من المادة (25) مكررا من مشروع القانون، والتي تنص
على «ويجوز في بعض القضايا التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس الأعلى للقضاء
بالتنسيق مع الوزير المعني بشؤون العدل، إحالة الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة
دون إعداد تقرير بالرأي القانوني فيها». والتي يُفهم منها التداخل بين السلطتين
التنفيذية والقضائية، وعدم الاستقلالية بإعطاء صلاحيات قضائية لوزير العدل.
وذكرت أن المادتين (54 و218) من المشروع بقانون تتعارضان مع المبدأ الدستوري الذي
يقضي بأن حق التقاضي مكفول وفقا للقانون، وذلك بحرمان الخصوم من تقديم أي مستند إلى
المحكمة المختصة كان يلزم عليهم تقديمه أمام قاضي إدارة الدعوى المدنية، مما يعد
إهدارا للحقوق ومنها الإخلال بحق الدفاع الذي كفله الدستور.
وأشارت إلى أن مشروع القانون يصادر حق التقاضي على درجتين، ويوقف دور محاكم
التمييز، وذلك بما نص عليه من عدم جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من
محاكم الدرجة الأولى إلا في حالة مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو
وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
كما أجاز أيضا استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان
الحكم صادرا على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي، وهذه تعتبر أسبابا شكلية،
إضافة إلى أن معظم القضايا الوارد عليها النصاب النهائي تُنظر من قبل قاضٍ فرد، مما
يجعل الخطأ في الحكم واردا، وبالتالي حرمان أطراف الدعوى من درجة مهمة للتقاضي
وخاصة في قضايا الإخلاء والمطالبات المالية.
وأضافت: إنه وإن كان مكتب إدارة الدعوى وما يقوم به من أعمال تعد ضمن إجراءات
الخصومة، ويهدف إلى سلامة الإجراءات، وسرعة الفصل في القضايا، إلا أن الأعمال
المكلف بها قاضي إدارة الدعوى تعد من قبيل الأعمال الإدارية التي كان يتولاها قسم
كتاب المحكمة، وبالتالي فإن هذا سيؤدي إلى تعطيل عمل القضاء، وإهدار وقت المتقاضين
دون مبرر مما يُعد ذلك إخلالا بالعدالة الناجزة.
ولفتت إلى إن الأعمال المكلفة لقاضي إدارة الدعوى من تحضير وإعداد ومراقبة جميع
إجراءات الدعوى يتناقض مع عمل القاضي الأساسي القائم على الفصل في المسائل المعروضة
عليه على أساس الوقائع، وفقا للقانون باعتباره قاضي حكم.
وذكرت إن المادة (23) من مشروع القانون توجب رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة بناءً
على طلب المدعي بلائحة تقدم إلى مكتب إدارة الدعوى ما لم ينص على غير ذلك، مما قد
يخلق عند التطبيق الكثير من الإشكاليات منها: أن طبيعة القضاء المستعجل - حسبما
قرره الفقه والقضاء- هو الفصل في المسائل المستعجلة التي يُخشى عليها من فوات الوقت
بدون المساس بأصل الحق، وبالتالي فإن تقديم لائحة الدعوى المستعجلة أمام مكتب إدارة
الدعوى لتحضير الدعوى وفقا لما هو منصوص عليه في المشروع يؤدي إلى إهدار المبدأ
الذي من أجله أنشىء نظام القضاء المستعجل وهو اتخاذ إجراءات مستعجلة، مما يترتب على
تطبيق مشروع القانون فقدان ركن الاستعجال بالنسبة لبعض القضايا التي تتطلب استعجالا
في نظرها والحكم فيها، نظرًا لما وضعه مشروع القانون من إجراءات، وما أعطاه من
آجالٍ تمتد لخمسة أيام. إضافة إلى أن قاضي إدارة الدعوى من خلال صلاحيته القانونية
في تسوية النزاع بين الأطراف قد يؤدي إلى المساس بأصل الحق الذي ينأى عنه قاضي
الأمور المستعجلة، والذي يجب أن يكون حكمه مبنيـًا على الظاهر من الأوراق
والمستندات.
ونبَّهت إلى أن أوامر الأداء لها طبيعة وخاصة وهي التي نظمها المشروع في المواد من
(323) وحتى (332) من قانون المرافعات الحالي، وبالتالي وإن كان القانون قد استثناها
بموجب الفقرة «مالم ينص القانون على غير ذلك»، إلا أنه لم يعالج ما إذا رأى القاضي
ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته، وحددت جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة فهنا المحكمة
لا تستطيع إحالتها إلى مكتب إدارة الدعوى؛ لعدم وجود نص ينظم هذه المسألة، وبالتالي
فإذا نظرتها المحكمة فإنها تكون ملتزمة بتطبيق المادتين (54 و218) من القانون، مما
يؤدي ذلك إلى الإخلال بمبدأ التقاضي. وأضافت أن المشروع بقانون لم يعالج مسألة
تعديل الطلبات والإدخال والتدخل في الدعوى إذا تم أمام المحكمة المختصة.
واعتبرت اللجنة أن مشروع القانون يتعارض مع مرئيات حوار التوافق الوطني فيما يتعلق
بتطوير السلطة القضائية من حيث وضع التدابير والآليات لتقصير أمد التقاضي، وتسهيل
إجراءات التقاضي باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
ورأت أنه يتعارض أيضا مع حق التقاضي بحرمان الخصوم من أن يقدموا أي مستند إلى
المحكمة المختصة، كان يلزم عليهم تقديمه أمام قاضي إدارة الدعوى المدنية، وفي هذا
إهدار للحقوق. كما أن الغرامات المنصوص عليها في المشروع مبالغ فيها مما يثير
العديد من المشكلات، وخاصة مع التوجه الحالي نحو خفض رسوم التقاضي والتي لا تعتبر
مجانية. مؤكدة أن عددا من التجارب العربية والعالمية المماثلة فشلت في تطبيق هذه
الفكرة مما ترتب عليه عدم الاستمرار بالأخذ بهذا النظام.
من جانبه، أكد وزير العدل والشئون الإسلامية أن نقاط اختلاف اللجنة مع وزارة العدل
بشأن مشروع القانون يمكن تسويتها من خلال دراسة المشروع بين الجانبين وخاصة وأنه لا
يرى وجود مبرر لهدم هذا المشروع برمته.
وبيّن أنه لا يجب على اللجنة أن تتعاطى مع مواد المشروع ومفرداته على غرار «ولا
تقربوا الصلاة»، مؤكدا أن هناك قضايا تثقل كاهل القضاء لدرجة أن لا يكون قادرا على
الفصل فيها. وشدد على أنه ليست هناك أية مخالفة دستورية في مشروع القانون، لافتا
إلى إشادة المجلس الأعلى للقضاء بالمشروع وإن كان له تحفظ في بعض الأمور فذلك حقه.
واستغرب موافقة المجلس على إنشاء مكاتب إدارة دعوى في قوانين معينة كقانون العمل في
القطاع الأهلي وقانون الطفل، بينما يتم رفض إنشاء مكتب للدعوى المدنية.
وأيد ذلك النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، الذي رأى أن جميع الجهات
المعنية بمشروع القانون هذا قد أيدته ومن بينها المجلس الأعلى للقضاء وجمعية
المحامين، مؤكدا أهمية هذا المشروع وخاصة أن الدعوات لتحسين القضاء ظهرت منذ
تسعينات القرن الماضي واشتد أوارها منذ العام 2003 وحتى الآن.
مقابل ذلك، أصرت رئيسة اللجنة التشريعية دلال الزايد على أنه لا جدوى من إرجاع
المشروع للجنة وخاصة في ظل عدم التعاون الذي لمسته من قبل وزارة العدل خلال فترة
مناقشتها إليه. وساندتها في ذلك زميلتها لولوة العوضي، التي انتقدت «غضب» وزير
العدل وطلبه إعادة مشروع القانون للجنة بعد أن أشبعته الأخيرة نقاشا وبحثا. ولم
تفلح محاولات رئيس المجلس علي الصالح في ثني المجلس عن قرار الرفض، حيث أكد أن
وزارة العدل تبذل جهودا كبيرة لسرعة إنجاز القضايا وحسمها. غير أن كثرتها وتراكمها
يؤدي إلى إطالة أمد التقاضي مما يؤثر على تحقيق العدالة.
مرسوم
بقانون بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية
مرسوم
بقانون بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية
إحالة
قانون المـرافعات المدنية والتجارية إلى الشـورى
تشريعيـة
الشورى تقر قانـون المرافعات المدنية والتجـارية