البحرين- جريدة الايام- الاثنين1 ابريل
2013 الموافق 20 جمادي الأولى -العدد 8756
إدارة التنفيذ بالعدل.. رحلة عذاب للمراجعين والموظفين
يكابد كثير من
المحامين والمراجعين الأمرين عندما تصل القضايا إلى مراحها النهائية والخاصة بتنفيذ
الحكم الصادر، وتلك المعاناة تتجسد في مقر إدارة التنفيذ بوزارة العدل، والتي تشكل
في حد ذاتها المحطة الأخيرة لكل الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية والشرعية
والمدنية، وهي بمثابة المصب النهائي لنهر تلك الملفات المتدفق بشكل يومي على
موظفيها، ويجد المراجعون للإدارة من مواطنين ومقيمين ومحامين أنفسهم في متاهة من
الممرات والغرف المملوءة بالملفات وصفها أحدهم قائلاً إن المراجعين يجب أن يستعينوا
بجهاز تحديد المواقع «GPS» لكي يستطيع كل منهم الوصول إلى مبتغاه.
وقال أحد الموظفين بالإدارة والذي رفض ذكر اسمه إن المكان غير صحي ولا يمثل بيئة
عمل تليق بوزارة العدل، فبالإضافة تكدس الملفات وضيق المكان يعاني الموظفين في
إدارة التنفيذ من صيانة هزيلة له، حيث دورة المياه لا تصلح سوى للقطط التي تعيث
فساداً في سقف المكان، وأضاف قائلاً: قد تفاجأ في أي وقت وبشكل غير متوقع بسقوط قط
من السقف عليك، ولن تجد من يعينك على الصدمة التي قد تصيبك من هذا الأمر إذا كانت
تزور المكان لأول مرة، أما نحن فقد تعودنا على هذا الأمر.
وفي جولة على مكاتب الموظفين وجدت «الأيام» مساحة المكتب لا تتعدى في معظمها 15
متراً يجلس فيه حوالي 7 موظفين ولا يفصل بين مكتب وآخر سوى مساحة مرور لطفل في
العاشرة من عمره، فضلاً عن كميات الملفات التي يتم مراجعتها وتنفيذ ما فيها من
أحكام والرد على المراجعين، حيث يصل العدد في مكاتب التنفيذ للمحاكم المدنية إلى 50
ملف تنفيذ في اليوم الواحد، ويصل في المحاكم الشرعية والمدنية إلى 3 أضعاف الرقم
السابق، ويصل معدل الملفات المتعامل معها شهرياً إلى 12 ألف ملف تنفيذ بحسب ما ذكره
الموظفين.
ويوجد بالإدارة 5 محاكم تنفيذ واحدة للقضايا الشرعية والبقية تختص بأحكام القضاء
الجنائي والمدني، حتى أن مكاتب القضاة صغيرة أيضا ورغم ذلك يعملون دون كلل لأن مجرد
توقفهم عن العمل ولو ليوم واحد يعني أن مصالح الكثير من المواطنين ستتعطل، لذلك لا
توجد حتى مساحة للشكوى من كم القضايا المعروضة أمام القضاة أو تحسين لظروف العمل
وبيئته وعدد ساعات العمل التي تمتد أحياناً إلى الرابعة مساءً لأن بعض أوامر
التنفيذ يجب أن يتم البت فيها في نفس اليوم.
أحد المواطنين اشتكى من وجود أمر منع سفر عليه بسبب سداد فاتورة هاتفه، وكان يريد
أن ينهي المشكلة للحاق بطائرته كونه مسافراً للعلاج، لكن الموظف المسؤول عن ذلك
القسم كان مريضاً في هذا اليوم، ولا يوجد بديل له، ما اضطر زملاءه غير المنوط بهم
تلك المهمة إلى المعاونة على إنهاء الإجراءات، وقال المواطن إنه لولا هذا التعاون
لضاعت عليه الرحلة وخسر الكثير بسبب الحجوزات المسبقة.
بعض المحامين اشتكوا صعوبة الوصول إلى الملفات الخاصة بقضاياهم، وقالت المحامية
سهام صليبيخ إنك ستتوه في عالم من آلاف الملفات التي يتم جلبها من أرفف بواسطة سلم
معدني يتفضل الموظف المسكين بالصعود عليه، وفي معظم الأحيان تتساقط الملفات بالجملة
على رأسه أثناء سحب أحدها، وقد تضيع بعض الملفات الأخرى وتحدث مشادات بين المحامين
والموظفين لا ذنب لأحدهما فيها، لكن مع المزيد من البحث والتحري يتم العثور على
الملف.
من جانبه قال المحامي فهد الذوادي إن المكان يعاني من انعدام البيئة الصحية
للموظفين والمراجعين، فهو ضيق جداً بالمقارنة بحجم العمل اليومي والمحاكم الموجودة
داخله بالكاد تتسع لعشرة أشخاص، كما أن وجود الإدارة في الطابق الأرضي من الوزارة
أثر سلباً على المحامين والموظفين؛ لأن التهوية الصناعية لا تكفي لحل مشكلة مبنى
قديم ومليء بالملفات الورقية والغبار المتراكم عليها مع الوقت، كما أنها لا تخزن
بشكل منظم يمكن المراجعين من سرعة الوصول إليها.
أحد المسؤولين في الإدارة قال لدينا مشكلة في قلة عدد الموظفين في إدارة التنفيذ
ولا أستطيع تقديم شكوى على أي من الموظفين أو طلب نقله واستبداله بآخر في حال
تقصيره؛ لأن ما سيحدث هو نقل الموظف وترك مكانه شاغراً لفترة تعود بالمزيد من العمل
على بقية الموظفين، لذلك يتم حل مشاكل الإدارة من داخلها، لأنه عند الشكوى من قلة
العدد ترد الوزارة بأنها تنتظر من ديوان الخدمة المدنية توظيف كوادر جديدة، كما أن
العمل في تلك الإدارة يحتاج إلى أشخاص ذوي مواصفات بدنية وعقلية مختلفة عن بقية
أقسام وإدارات الوزارة، فهي الإدارة الأكثر حدوثاً للمشاكل بين المراجعين
والموظفين.
وجاءت آراء بعض المحامين متباينة، فبينما قال المحامي عبدالحميد القاسمي إن الإدارة
الحالية في التنفيذ تنجز أعمالاً جيدة، رأى آخرون أن التنفيذ يحتاج إلى مبنى منفصل
وميزانية محددة وإعادة هيكلة وظيفية يتم من خلالها تحديد مناصب ومراكز تتمتع
باستقلالية، وقال محام آخر إن إدارة التنفيذ موكلة بمسؤوليات ضخمة ولا تمول
بالكفاءات، فضلاً عن كثرة تنقلات الموظفين من محكمة إلى أخرى الذي يتسبب في تدهور
العمل وعدم ارتياح الموظف في المكان المعتاد عليه، وفي رأيهم عن الباحثين
القانونيين، قال أحد المحامين إن مستواهم جيد لكنهم يحتاجون إلى تحديد مهامهم بشكل
واضح، وطالب محامٍ آخر بمكتب للعلاقات العامة يساعد المواطنين على سرعة إيجاد ما
يبحثون عنه وسط دهاليز الإدارة.
بارقة أمل أعلن عنها وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية لشؤون العدل خالد عجاجي في
تصريح للأيام خلال جولة له في إدارة التنفيذ، حيث قال إن المشاكل في الإدارة مرصودة
ويتم متابعتها أولاً بأول على الطبيعة، ولم ينكر وجود مشكلة قلة عدد الموظفين،
مؤكداً أن العمل يجري لسد هذا النقص لكن الإجراءات تأخذ وقت.
وحول مساحة الإدارة قال عجاجي إن الوزارة بشكل عام تعاني من المساحة المحدودة
ونحاول بقدر الإمكان الاستفادة من تلك المساحة، أما عن مشكلة تكدس الملفات الخاصة
بالقضايا محل التنفيذ أشار وكيل وزارة العدل إلى أنه تم الاتفاق مع شركة متخصصة
لتركيب شريحة إلكترونية لتتبع مسار الملف.
مرسوم بتنظيم وزارة العدل
مرسوم رقم (41) لسنة 2003 بتنظيم وزارة العدل
وزارة
العدل في مرئياتها حول مشروع قانون حماية المعلومات
وزير العدل يلتقي الجمعيات السياسية