جريدة أخبار الخليج العدد
: ١٤٨٢٨ - الأحد ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٠هـ
«القيمة
المضافة».. بين دعم الاقتصاد وقلق المستهلك
أظهر استطلاع للرأي أعدته أخبار الخليج ان 80% من
المواطنين والمقيمين لا يمتلكون معلومات كافية عن ضريبة القيمة المضافة التي سيتم
تطبيقها مطلع العام المقبل.
وأكد المشاركون في الاستطلاع ان ما يمتلكونه من معلومات لا يعد ارتفاع أسعار السلع
والخدمات، يقابله انخفاض في قدراتهم الشرائية. هذا إلى جانب قلق البعض من استغلال (بعض)
التجار لحجة الضريبة ومضاعفة الأسعار.
كيف يحدث ذلك، ولماذا، وماهي هذه الضريبة أساسا، وماذا سيجني المواطن من تحمل مثل
هذه الضريبة التي تطبقها أكثر من 150 دولة حول العالم وتعتمد عليها كمصدر دخل أساسي».
تساؤلات لا يمتلك الكثير ممن سيدفع هذه الضريبة إجابات عنها. وهذا ما دفعنا إلى ان
نناقش هذه التساؤلات مع الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العلا للدراسات والاستشارات
الدكتور جعفر الصايغ، بهدف الحصول إلى صورة شاملة حول ضريبة القيمة المضافة ما يحيق
بها من تساؤلات أو غموض. وسؤالنا الأول للخبير الاقتصادي هو: ماهي ضريبة القيمة
المضافة أساسا؟
ضريبة مستحدثة
يجيبنا الصايغ: بداية، يجب أن نشير إلى ان القيمة المضافة هي كل ما يضاف على السلعة
أو الخدمة خلال مراحل الإنتاج المتعددة. فإنتاج أي سلعة يمر بمراحل مختلفة منها
شراء المواد الأولية، تصنيعها وتحويلها إلى سلعة، النقل والتخزين، العرض والبيع،
وغيرها من المراحل بحسب نوع السلعة أو طبيعة الخدمة. وهنا، فإن كل كلفة تضاف على
المنتح في أي مرحلة من هذه المراحل هي كلفة مضافة بما في ذلك كلفة عامل التوصيل.
وهنا فإن من يدفع الكلفة النهائية هو المستهلك. فتاجر الجملة مثلا يستورد سلعة
معينة ويضيف عليها ما دفعه من كلفة إلى جانب أرباحه، وهذه كلفة مضافة، ثم ينقلها
إلى تاجر التجزئة الذي يقوم بنفس الدور، وكل إضافة هنا هي كلفة مضافة، وفي الأخير
فإن المشتري النهائي هو من يدفع الكلفة النهائية.
} وكيف يختلف الأمر عن الضريبة إذن؟
}}الفرق ان ما كان يضاف على السلعة أو الخدمة هو كلفة إضافية وليس ضريبة تدفع
للدولة، ولكن بعد فرض الضريبة، سيضاف إلى كل مرحلة وعلى كل كلفة سابقة نسبة معينة
تدفع للدولة، وهذا ما يعني ارتفاع سعر وكلفة المنتج أو الخدمة. في البحرين مثلا
حددت نسبة الضريبة بـ5%، وهذا يكون لكل مرحلة. وفي الواقع -يتواصل الحديث للدكتور
جعفر الصايغ- ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة مستحدثة عمرها حوالي 50 سنة فقط بدأت
في فرنسا ثم انتشرت في اغلب دول العالم، علما بأن الولايات المتحدة تعتبر من الدول
المعدودة التي لا تفرض مثل هذه الضريبة رغم انها تحقق دخلا كبيرا للدول.
إنقاذ الاقتصاد
}وما فرق هذه الضريبة عن الضرائب الأخرى التي تفرض؟
}} ما يميزها هو (القيمة المضافة) نفسها، فمثلا ضريبة الدخل يتم فرضها على حجم
الدخل الذي يحصل عليه الفرد، وهذا عادة يتم دفعه قبل تسلم العامل أو الموظف راتبه،
لذلك تسمى الضريبة المباشرة، ويتم استقطاعها من الشركات بعد اعداد تقريرها النهائي.
وذات الامر بالنسبة الى ضريبة المبيعات، حيث تؤخذ على جزء من المبيعات بغض النظر عن
مراحل الإنتاج، حيث ينظر مثلا إلى حجم المبيعات وليس حجم الإنتاج. اما ضريبة القيمة
المضافة فتؤخذ كما اسلفت على أي قيمة تضاف على السلعة في مراحل الإنتاج المختلفة،
وهذا ما يتطلب انشاء جهاز اداري تابع لوزارة المالية لتحصيل الضرائب ولدفع
المستحقات.
} بشكل عام، متى تلجأ الدول إلى فرض مثل هذه الضريبة؟
}} أولا يجب أن نشير إلى ان دول الخليج لم تكن تعتمد على الضرائب بشكل عام سواء
ضريبة الدخل المباشر أو غيرها، نعم كان هناك رسوم على بعض الخدمات الحكومية. ولكن
بعد نهاية عام 2014 وتدهور أسعار النفط وانخفاض الإيرادات الامر الذي سبب عجزا
كبيرا، اضطرت بعض الدول الى الاقتراض، وهذه القروض تراكمت وتحولت إلى دين عام وعبء
ارتفع أحيانا إلى 1000% خلال سنوات قليلة، فمثلا في البحرين وبعد ان كان 200 مليون
دينار عام 2008 أصبح 11 مليارا ونصف المليار في 2018. واستمرار هذا الوضع في أي
دولة قد يؤدي إلى الإفلاس. لذلك، فأمام الازمات المالية، لم يكن هناك خيارات امام
دول المنطقة الا مراجعة السياسات المالية، وهذا يشمل إيقاف الدعم على الكثير من
السلع والخدمات، تجميد التوظيف في القطاع العام، رفع الرسوم وغيرها من الإجراءات،
والآن جاءت الخطوة الأخرى وهي ضريبة القيمة المضافة. علما بانه كان هناك اتفاق بين
دول الخليج على استحداث هذه الضريبة في اقتصاداتها، وكانت السعودية والامارات سباقة
في ذلك، والان ستطبقها البحرين والكويت.
الضرائب لنهضة الاقتصاد
} هل هناك ظروف أو مناخ عام يفترض توافره عند تطبيق مثل هذه الضريبة؟ بمعنى، هل
يتطلب استحداثها في أي اقتصاد شروط أو تهيئة مسبقة؟
}} في رأيي، ضريبة القيمة المضافة يفترض ان تفرض في الوضع الاقتصادي المناسب
والمهيأ لها. فكل الدول المتقدمة اعتمدت على النظام الضريبي في نهضتها الاقتصادية
وليس على بيع المواد الخام مثل النفط. فالنروج مثلا وهي دولة نفطية تعتمد في
إيراداتها على الضرائب بنسبة 85%.
ولكن –يستدرك الدكتور جعفر الصايغ– عند فرض الضرائب، يفترض ان يكون الاقتصاد في
حالة انتعاش، كتوافر السيولة والحركة الاقتصادية النشطة، وليس في حالة ركود. ففي
حالة الركود الاقتصادي نحتاج إلى ضخ أموال في المجتمع. وهنا نجد انه في دول الخليج
تم فرض هذه الضرائب في الذي تعاني اقتصاداتنا من حالة ركود، وهذا في رأيي يؤدي إلى
سحب السيولة التي يحتاج إليها الاقتصاد لمزيد من النشاط.
}وعلى أي أساس يتم تحديد نسبة الضريبة في أي دولة؟
}} المتوسط والغالب في دول العالم، تتراوح ضريبة القيمة المضافة بين 15% و20%،
وأحيانا تصل إلى 30%، ولكن دول الخليج ومنها البحرين اعتمدت 5% كمرحلة أولية فقط
ربما لأنها ضريبة مستحدثة وبسبب الظروف الاقتصادية، ولكن في توقعاتي انا، هذه
النسبة سترتفع بعد ان يعتادها المجتمع وتنجح التجربة.
} ولكن.. ماذا سيجني المستهلك من تلك الرسوم التي يدفعها؟ هناك تلميحات مثلا إلى
ان مثل هذه الضريبة تسهم في انتعاش الاقتصاد وتطوير أداء مؤسسات الدولة؟
}} إجمالا، الفائدة الأساسية هي زيادة إيرادات الدولة، الامر الذي يساعدها على
تمويل مشاريع تنموية وإدارة الاقتصاد بشكل أفضل. وهذه فائدة غير مباشرة للمواطن
والمقيم. فالفائدة تكون عامة عندما تكون الدولة غنية ولديها سيولة، وهذا ينعكس
إيجابا على المواطن. ولكن في رأيي لن تكون هناك فائدة مباشرة بل ان المستهلك في
النهاية هو من يدفع هذه الضريبة.
استثناء السلع الأساسية
} هل افهم من ذلك أن ما سيجنيه المستهلك بشكل مباشر هو فقط ارتفاع كلفة المعيشة؟!
}} النسبة لا تزال منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، لذلك قد لا يكون الأثر كبيرا،
فمثلا المواطن في السعودية وكذلك الامارات اعتادها ولم يشك منها. ولكن إذا ما تم
رفع النسبة مستقبلا فمن الممكن ان يكون الأثر واضحا فيما يتعلق برفع كلفة المعيشة.
} هناك بعض السلع والخدمات معفاة من هذه الضريبة؟ على أي أساس يتم هذا الاستثناء؟
}} هذا الجانب يختلف من دولة لأخرى، فكل دولة لها حرية اختيار السلع المستثناة
وفق معايير مختلفة؟ فالبحرين مثلا استثنت السلع والخدمات التي اعتبرتها أساسية من
أجل ان تضمن الحكومة مستوى معيشة معين. بمعنى ان الاستثناء جاء لبعض السلع لضمان
الحد الأدنى للمستوى المعيشي لذوي الدخل المحدود وللحد من ارتفاع التضخم. فارتفاع
أسعار السلع الأساسية يؤدي إلى ارتفاع بقية الأسعار مما يؤثر سلبا على المستوى
العام وكلفة المعيشة. لذلك يتم اختيار بعض السلع واستثنائها كنوع من الدعم
والمساعدة لضمان توفير استقرار معيشي لذوي الدخل المحدود.
} هناك قلق لدى الكثيرين من استغلال بعض التجار لهذه الضريبة ورفع الأسعار أكثر
المفترض. في رأيك.. هل هناك ضمانات تحول دون ذلك
}} في هذه الحالة لا بد ان يكون للدولة دور أساسي في مراقبة الأسعار وضبطها وإلا
فسيكون هناك تلاعب فعلا. فالمراقبة مطلوبة حتى من دون فرض الضريبة. أكثر من ذلك،
تستطيع الدولة ان تحول دون تحميل المواطن نسبة 5% عن ارادت بحيث يتحمل التاجر جزءا
منها والمستهلك الجزء الآخر، كأن يتحمل التاجر 2.5% والمستهلك 2.5% وذلك من خلال
القوانين المنظمة. فالتدخل مطلوب. ولكن يحدث ذلك غالبا عندما تكون نسبة الضريبة
كبيرة مثل 20% حيث تتدخل الدولة لتخفيف العبء عن المستهلك أو لضمان عدم التلاعب في
الأسعار.
الدعم.. وليس الاستثناء
} تحدثنا عن موضوع استثناء بعض السلع، في تجارب الدول الأخرى، هل هناك إمكانية
لاستثناء فئات معينة من هذه الضريبة كذوي الدخل المحدود مثلا أو المتقاعدين؟
}} الضريبة تشمل الجميع من دون استثناء، ومن غير الممكن استثناء فئات معينة عند
شراء سلع أو الحصول على خدمات. نعم من الممكن ان يكون هناك دعم استثنائي مباشر لهذه
الفئات مثل رفع علاوة الغلاء وغيرها.
} باختصار.. ماهي توقعاتك لما بعد تطبيق الضريبة؟
}} المتوقع وبحسب الدراسات، سيزيد دخل الدولة من الضريبة بمقدار 250-300 مليون
دينار سنويا، وهذه في رأيي نسبة بسيطة لن تفيد الدولة كثيرا. لذلك اعتقد أنه (إذا
ما كانت هناك حاجة) فسترتفع النسبة مستقبلا.
كما أتوقع في البداية بعض الشكاوى من المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار بشكل ملموس،
ولكن سيعتادها المجتمع كما تعود على رفع سعر البنزين. وأعيد التذكير هنا انه وبشكل
عام ليس من مصلحة أي اقصاد ان ترتفع رسوم وضرائب وأسعار السلع والخدمات في ضل وجود
ركود اقتصادي.
}}}
تساؤلات عديدة طرحناها على محدثنا الدكتور جعفر الصايغ نأمل ان نكون قد سلطنا من
خلالها الضوء على بعض الغموض أو الاستفهامات التي يحملها المواطن والمقيم بشأن
ضريبة القيمة المضافة. وحتى تطبق التجربة فعلا، سيبقى هناك الكثير من التكهنات التي
يلازمها الكثير من القلق بشأن الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة.
الدستور وفقا لأخر تعديل -
دستور مملكة البحرينfont>
قانون رقم (40) لسنة 2017 بشأن الضريبة الانتقائية
مرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2018 بإصدار قانون ضريبة القيمة
المضافة
قرار وزارة
المالية رقم (17) لسنة 2017 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم (40) لسنة 2017
بشأن الضريبة الانتقائية
«القيمة
المضافة» أمام مجلس النواب اليوم