جريدة أخبار الخليج - العدد
15220 -الأحد 24 نوفمبر 2019م -27 ربيع
الاول 1441هـ
النائب الأول للرئيس التنفيذي لمصرف السلام: «الجوهر» أول منتـج ينمـي ثقافـة
الادخـار ويــوفــر تــأمينــا تكــافـليـا عـلى الحـيــاة
التحول الرقمي جعلنا في سباق مع
الزمن.. والتحدي هو الموازنة بين السرعة والاستدامة
تجاربنا أثبتت أن الاندماجات المدروسة خطوة مهمة لتطوير الأداء والخدمات
أجرى الحوار: محمد الساعي / تصوير - روي ماثيوس
تتسابق البنوك والمصارف وتتنافس في تقديم الخدمات المميزة والجاذبة للزبائن بمختلف
احتياجاتهم ورغباتهم وأهدافهم. ومع التوجه الى العمل المصرفي المفتوح، بات هذا
التنافس على أوجه، ووضع تلك المؤسسات المالية في سباق مع الزمن من أجل توفير ما
يميزها من منتجات، وما يوطد علاقاتها بعملائها الفعليين من جانب، ويستقطب لها مزيدا
من العملاء والمعاملات من جانب آخر.
مصرف السلام.. دخل بقوة في هذا التنافس في وقت مبكر، وفرض نفسه كاسم له ثقله ووزنه
في طليعة قائمة المؤسسات المالية في البحرين، وخاصة تلك التي تعمل وفقا لأحكام
الشريعة الإسلامية.
وفي هذا المضمار.. أطلق المصرف مؤخرا منتجا جديدا لافتا في عنوانه وتفاصيله. وهو
«وكالة الجوهر». الأمر الذي يجعلنا نتساءل: ما هو هذا المنتج؟ ولماذا سمي بالجوهر؟
وما الذي يميزه عن بقية المنتجات المصرفية المشابهة؟ ثم ما استعدادات المصرف في ظل
التحديات التي تواجه القطاع المصرفي بشكل خاص فيما يتعلق بالتحول الرقمي والعمل
المصرفي المفتوح.
تساؤلات ناقشناها مع النائب الأول للرئيس التنفيذي لمصرف السلام أنور مراد.
لماذا الجوهر؟
} يعد منتج وكالة الجوهر من أحدث المنتجات التي أطلقها المصرف مؤخرا. ما الذي
يرمز إليه هذا المسمى (الجوهر) ومن الفئة المستهدفة منه؟
{{ عندما فكرنا في إطلاق المنتج، انطلقنا من سؤال أساسي: ما جوهر الإنسان؟
بالطبع، فإن الجواب هو عقل الإنسان الذي ينمو ويتطور بالتعليم والإدراك والثقافة.
ومن هنا، أطلقنا منتجا يركز بشكل أساسي على هذا الجانب من خلال توفيره فرصا للأبناء
والأجيال القادمة في التعليم وتنمية العقل والدراسة في جميع المراحل من الابتدائية
الى الجامعية. بمعنى أن هذا المنتج يوفر تأمينا تكافليا للحياة يضمن للأبناء تعليما
مستمرا حتى في حال لا قدر الله أصاب رب الأسرة مكروه، فإن فرص التعليم للأبناء تكون
مستمرة. ومن ثم فإن المنتج قائم على تعزيز جوهر الإنسان وهو عقله، وهو منتج يمكن
وصفه بالاجتماعي والثقافي أكثر من أي أمر آخر.
* وما الذي يميز (الجوهر) عن باقي المنتجات التي طرحتموها سابقا أو التي تطرحها
وتتنافس من خلالها المصارف والبنوك؟
أولا، هو أول منتج يساعد على التوفير وينمي ثقافة الادخار، وبنفس الوقت يوفر تأمينا
تكافليا مجانيا على الحياة ويضمن -كما أشرت- مستقبلا تعليميا للأبناء، وهذا التأمين
هو الجانب الأحدث والمميز في المنتج. فهو أشبه بضرب عصفورين بحجر واحد وبخيارات
متعددة.
كما انه يكون علاقة طويلة الأمد بين العميل والمصرف. وتقوم هذه العلاقة على اتفاقية
يتم من خلالها استقطاع مبلغ شهري من حساب العميل العادي بما يتناسب وميزانيته،
ويدخل المبلغ في حساب الجوهر، ويحصل العميل على عائد مادي للمبلغ التراكمي وليس
المبلغ المضاف. بمعنى أنه إذا أودع العميل في الشهر الأول مبلغ 80 دينارا مثلا،
يحصل على عائد على هذا المبلغ، وفي الشهر الثاني يضع 80 دينارا أخرى، ويحصل على
عائد على 160 دينارا وليس المبلغ المضاف فقط. وهكذا يتم احتساب العوائد على المبلغ
الإجمالي المودع. وكلما كانت المدة أطول كان العائد أكبر، الأمر الذي يساعد العملاء
وينمي لديهم ثقافة الادخار والتوفير والالتزام. وبنفس الوقت يحصل العميل على تأمين
مجاني على الحياة لترميم تأثير وفاة رب الأسرة طوال فترة الاستفادة من المنتج. وفي
النهاية قد يحصل المستفيد على أضعاف ما أودعه من خلال استرداده الوديعة الأساسية
إلى جانب الأرباح المحققة مع التأمين ودراسة الأبناء. ويستطيع العميل من خلال تطبيق
الخدمات المصرفية الإلكترونية على الهاتف النقال أو من خلال الحاسب الآلي أن يحصل
على كل المعلومات حول الحساب والمبالغ وحجم العائد بشفافية وبشكل مباشر.
وإلى جانب ما سبق، يتميز المنتج أيضا بمرونة كبيرة، فمثلا لو كان لدى العميل مبلغ
مدخر سابقا، من الممكن أن يبدأ به مباشرة ويتم حساب الربح المتوقع عليه. وخلال مدة
الاتفاقية إذا ما حصل على مبلغ من المال من الممكن ان يضيفه على الوديعة في أي وقت
ويحسب له أرباح إذا ما تحققت.
كما يمكن للعميل في الظروف الطارئة ان يطلب الغاء الحساب وسحب المبالغ.
خيارات ومرونة
} هل هناك فئات معينة مستهدفة من المنتج؟
{{ أبدا، فما يميز هذا المنتج أيضا هو انه يشمل جميع فئات المجتمع من دون
استثناء. لذلك نحرص في جميع الفروع على توفير مختصين يدرسون حالة العميل ودخله وعدد
أبنائه ثم يرشدونه إلى أفضل الخيارات والشريحة التي تناسبه والفوائد التي يجنيها من
المنتج.
وبذلك يأتي المنتج بثلاث شرائح، الأولى هي الكلاسيكية، ويتم من خلالها استقطاع مبلغ
30 دينارا شهريا. والشريحة الثانية هي الذهبية التي بموجبها يستقطع مبلغ 80 دينارا.
أما الشريحة الثالثة فهي البلاتينية التي تستقطع مبلغ 150 دينارا شهريا.
وبنفس الوقت هناك خيارات للمدة، هما ثلاث سنوات وخمس سنوات، وكلا الخيارين قابلان
للتمديد بحسب رغبة العميل. كما انهما يقدمان نفس المميزات، عدا ان نسبة الربح تكون
أكبر كلما زادت المدة.
ولدينا توجه مستقبلي لطرح منتجات مشابهة لفئات أخرى مثل التقاعد. وهذه المنتجات
تنطلق من الإيمان بأن دور المصرف ليس الإيداع والسحب وتوفير المعاملات المالية،
وإنما هناك دور مهم آخر هو الدور الاجتماعي وتوفير الخدمات المساندة التي تقدم
إضافة للعملاء.
والمميز هنا أيضا انه لا يشترط ان يحول العميل راتبه إلى مصرف السلام، وإنما يكفي
فقط أن يفتح حسابا في المصرف يدخل فيه المبلغ الذي يريده وبالشكل الذي يفضله، ليقوم
المصرف بشكل آلي بتحويل هذا المبلغ من الحساب إلى حساب الوديعة. وهذا ما يعني ان
المنتج لا يختص بعملاء مصرف السلام فقط، وإنما يشمل جميع الفئات والعملاء والشرائح.
التحول الرقمي
} بات التحول الرقمي والخدمات البنكية الرقيمة أحد أبرز الجوانب التي تتسابق
وتتنافس فيها المؤسسات المالية. أين وصلتم في هذا الجانب؟
{{ في الواقع قطعنا شوطا كبيرا في مجال المنتجات الرقمية. ونحن من أوائل البنوك
في البحرين التي تطرح تطبيقات الهواتف الذكية وخدمات الرسائل القصيرة (SMS)
والخدمات المصرفية الإلكترونية للأفراد والشركات والخزينة (الذين يتعاملون
بالأسهم)، كما سيتم قريبا إطلاق تطبيقين للهواتف الذكية يعتبران جديدين على مستوى
المملكة، الأول للاستثمار والثاني للمؤسسات المالية يوفران جميع التعاملات وغيرها.
بل ان التوجه الرقمي كان ركيزة أساسية منذ تأسيس المصرف، ولكن من سمات التحول
الرقمي في الوقت الراهن انه يتطلب سرعة أكبر من السابق، ما يجعل المؤسسات المالية
في سباق مع الزمن، بل هو سباق شرس من اجل التوسع ومواكبة المتطلبات والتطورات
والأجيال. وإذا لم تستطع مواكبة هذه المتطلبات فستكون خارج المنافسة.
لكن.. ما أود التركيز عليه هنا هو أننا في هذا السباق المحتدم، يجب ألا يكون
تركيزنا على الكم على حساب الكيف. فالمهم هنا هو نوعية التكنولوجيا وانتقاؤها
بعناية، بحيث تكون مضمونة ومستدامة وآمنة بأعلى المعايير. وهذا ما يتطلب خضوعها
لاختبارات وتقييم من دون تسرع، وبنفس الوقت نحن في سباق مع الزمن كما أشرت. الأمر
الذي يتطلب نوعا من الموازنة الذكية بين هذا التمهل في الانتقاء وبين ذاك التسابق.
وهي معادلة معقدة وصعبة. فمثلا كثيرا ما نجد يتم صرف مبالغ هائلة على تكنولوجيا
حديثة، ولكن سرعان ما تتحول إلى قديمة لا تواكب التطورات! وهذا ما أعنيه بأهمية
الدراسة والموازنة والاستدامة. وهذا ما نحرص عليه فعلا.
الخدمات المصرفية المفتوحة
} تعتبر البحرين من أوائل الدول في المنطقة التي اعتمدت الخدمات المصرفية
المفتوحة. في رأيكم الشخصي، ما الذي تضيفه مثل هذه الخدمات إلى القطاع والى
الزبائن؟
{{ بالفعل.. البحرين سباقة في هذا الجانب، وأغلب البنوك اعتمدت العمل المصرفي
المفتوح. الأمر الذي يعني ان جميع العمليات البنكية باتت متاحة في منصة واحدة توفر
للعميل إمكانية الاطلاع على كل حساباته في جميع البنوك وإدارة العمليات في مكان
واحد. وهذه هي البداية، لأن الأمر سيشمل مستقبل الاستثمارات وغيرها.
الأمر المهم هنا هو ان العمل المصرفي المفتوح يعني أن سقف التطور والتنافس بات هو
الآخر مفتوحا. فمثلا في السابق يكون تعامل الشخص مع البنك الذي لديه حساب فيه.
وبالتالي ربما تقتصر الخدمات والعروض والمميزات التي يحصل عليها العميل على ما
يقدمه البنك الذي يتعامل معه. إلا ان العمل المصرفي المفتوح يوفر فرص استفادة
العميل من الخدمات والعروض التي توفرها البنوك الأخرى من دون الحاجة حتى إلى فتح
حساب فيها. بل قد تأتي الخدمات من شركات تنافسية وليس فقط البنوك. وهذا التنافس
بالتأكيد هو في صالح العملاء، وبنفس الوقت يدفع المؤسسات المالية إلى التنافس في
طرح المنتجات المتجددة بشكل مستمر من دون الاعتماد فقط على العلاقة بين البنك
والعملاء. وفي النهاية يصب الأمر في صالح تطور العمل المالي والمصرفي في المملكة.
} بصراحة.. هل تجدون أن قاعدة العملاء مهيأة للتعامل مع التحول الرقمي والخدمات
المصرفية المفتوحة؟ أم ان الأمر مازال يتطلب وقتا وتوعية أكبر؟
{{ الأمر المهم هو ان هناك تقبلا فعليا، ولكن ربما ليس بالسرعة المطلوبة، وذلك
لأسباب لعل أهمها عدم ثقة البعض حتى الآن بالتكنولوجيا، كما ان التواصل المباشر
مازال يهيمن على ثقافتنا ويجعل الكثير من الأفراد يفضلون التوجه إلى الفروع. ومن
هنا، فإننا نحرص على تحقيق نوع من التوازن من خلال توفير الخدمات الرقمية وبنفس
الوقت الخدمات في الفروع.
الاندماجات
* هناك من يرى ان المؤسسات المصرفية في البحرين صغيرة نوعا ما، وإذا لم يكن هناك
توجه جاد نحو الاندماجات أو الاستحواذات فإن أغلب هذه المصارف ستكون عرضة للهزات
عند أي أزمات.
إلى أي مدى نحن بحاجة إلى مثل هذا التوجه؟
** أولا وبشكل عام، وضع المؤسسات المالية في البحرين جيد ومستقر حتى من دون
اندماجات. فهذه المؤسسات لديها قوة واستقرار مع سياسات واضحة من مصرف البحرين
المركزي، ولا توجد مضاربات أو سياسات تشكل مخاطر حقيقية على أوضاع البنوك. وقد
مررنا بتحديات ومراحل خرجنا منها بنظام مصرفي قوي وخبرات نفخر بها، منهم متقاعدون
يمثلون كفاءات يمكن الاستفادة منها.
ولكن.. هذا لا يعني عدم الحاجة أحيانا الى الاندماجات شريطة أن تكون مدروسة بعناية
حتى تحقق الفائدة لجميع الأطراف.
ونحن في مصرف السلام مررنا بتجربتين في الاندماج. الأولى كانت عام 2009 مع البنك
البحريني السعودي، والثانية عام 2014 مع بنك بي أم أي. وبالتالي يمكنني القول بأننا
من أوائل البنوك التي تبنت هذا التوجه. وقد حصدنا ثمار ذلك بشكل كبير، الأمر الذي
ينعكس على مستوى الخدمات التي يحصل عليها عملاؤنا، حيث أصبح المصرف أكبر وذا قدرات
وخبرات وخدمات أكبر؛ لأنه يجمع خبرات وكفاءات ثلاثة مصارف في مصرف واحد. لذلك وفي
حين ان عمر مصرف السلام لا يتجاوز 14 عاما، إلا انه يمتلك خبرة تمتد أكثر من 30
عاما.
} ولكن ألا تحمل مثل هذه الإجراءات جوانب سلبية مثل فقدان موظفين لوظائفهم؟
{{ من خلال تجربتنا، حققنا كما أشرت نجاحا كبيرا، وكان جزءا من ذلك النجاح أنه لم
يكن هناك فقدان للوظائف إلا بشكل اختياري، وذلك لان الأمر تم نتيجة دراسة عميقة،
وخاصة أن المؤسسات التي تم الاندماج معها لم تكن تضم أعدادا ضخمة من الموظفين.
مئوية القطاع
} تحتفل المملكة في ديسمبر القادم بمرور مائة عام على تأسيس العمل المصرفي في
البحرين. في رأيك.. ما الذي تميزنا به بعد عقد من الزمان من العمل المصرفي، وما
الذي نحن بحاجة إلى التركيز عليه خلال هذه الفترة والمرحلة القادمة؟
{{ المئوية دليل على المتانة والقوة التي يتمتع بها القطاع المصرفي في البحرين
التي نفخر بكونها سباقة في العمل المصرفي بشكل عام والصيرفة الإسلامية بشكل خاص. ما
وفر في المملكة قاعدة قوية وراسخة لعمل البنوك بما في ذلك الأنظمة والقوانين. بل ان
العمل المصرفي الإسلامي في بداياته كان يسعى إلى مواكبة البنوك التقليدية، واليوم
وصلنا إلى مرحلة ان الصيرفة الإسلامية تقود العمل المصرفي وتقدم منتجات إسلامية
تتجه البنوك التقليدية إلى الاستفادة منها، وهو امر نفخر به فعلا.
وفي رأيي، أكثر ما نحتاج اليه في هذه المرحلة هو المزيد من التخصص خاصة في الصيرفة
الإسلامية لمواكبة التطورات والتحديات لتوفير منتجات وخدمات إسلامية ضمن أحدث
التكنولوجيا والتقنيات. فالتحدي هنا هو ان العمل المصرفي الإسلامي يواجه اشتراطات
وضوابط أكثر من التقليدي بهدف مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية. وهو ما يجعل الأمر
أكثر تعقيدا والعمل مضاعفا. وفي حين ان الحلول التقليدية متوافرة في العالم، تبقى
الحلول التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية تتطلب تخصصا أكبر وجهدا إضافيا من
اجل تطويرها بما يتناسب وطبيعة عمل وضوابط تلك المؤسسات. وهذا هو التحدي الحالي
والقادم الذي نحتاج إلى التركيز عليه فعلا.
الدستور
وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002