الوسط - الثلاثاء 25 نوفمبر
2008م - العدد 2272
محامون:
حضور الصحافة للجلسات القضائية ضمانة للمحاكمة العادلة
الوسط
- عادل الشيخ
عبّر محامون وحقوقيون لـ «الوسط» عن عدم تأييدهم لمنع الصحافة المحلية من حضور جلسة
المحاكمة العلنية لمتهمي أحداث ديسمبر، مشيرين إلى أن حضور الصحافة لتلك الجلسات القضائية
يعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة والتي على رأسها علانية جلسات المحاكمة، في
حين وقف المحامون في جانب المدافع عن قرار محكمة الاستئناف العليا الجنائية المتمثل
في منع أهالي متهمي ديسمبر من حضور جلسة المحاكمة الأخيرة، والتي تم فيها عرض قرص مدمج
يخص بعض المتهمين وذويهم، وبرّر المحامون موقفهم المساند لقرار قاضي المحكمة عبدالله
يعقوب بأنه ليس منافٍ لحكم القانون، لأن المحكمة كانت تهدف من وراء قرارها ذاك الحفاظ
على جوٍ هادئٍ في الجلسة، تتمكّن من خلاله هيئة المحكمة والدفاع وممثل النيابة العامة
من مناظرة وقائع القرص.
إلى ذلك، قالت المحامية جليلة السيد في تعليقها على قرار سرية محاكمة متهمي ديسمبر
الأخيرة، بالقول: «من وجهة نظري تبقى مسألة تقرير عقد الجلسات كجلسات سرية مسألة خاضعة
لتقدير رئيس المحكمة، والغرض منها هو بالأساس حفظ حقوق المتهم، وكذلك الحرص على عدم
محاكمته من قبل الرأي العام قبل أن يقول القضاء كلمته في القضية».
وأضافت «وبالتالي أفهم أن سرية الجلسات يجب أن تُقرّر من منطلق حماية المتهمين وتوفير
ظروف كفيلة بتحقيق هدف محاكمتهم محاكمةً عادلة، إلا أن ذلك يبقى دائماً استثناءً عن
الأصل العام المقرر في جميع القوانين دولياً ومحلياً من أنّ المحاكمة الجنائية تكون
محاكمة علنية لخدمة عدة أهداف، أهمها تمكين الرأي العام وغيرها من السلطات بما في ذلك
السلطة الرابعة (الصحافة) من الوقوف على إجراءات المحاكمة، وبالتالي فإنه من غير المقبول
إطلاقاً أن تتحول سرية الجلسات إلى منفذ لتعطيل رقابة الجمهور والرأي العام والصحافة
وغيرهم والحيلولة من دون تمكينهم من الوقوف على ما يجري خلال الجلسات».
وذكرت السيد «يجب أن يبقى الاستثناء استثناءً، لذلك فإننا من وجهة نظر مهنية وحقوقية
ننظر بكثير من القلق إلى محاولات جعل الاستثناءات قواعد، وبنهاية الأمر فإنه ليس من
مبرر من وجهة نظري لعقد الجلسات في سرية بالنظر إلى طبيعة التهم الموجهة للمتهمين،
خصوصاً وأنه قد سبق وأن عقدت الجلسات في علانية».
وأكدت السيد في نهاية حديثها «يهمنا بالتأكيد أن تستمر ضمانات المحاكمات العادلة مفعّلة
في محاكم البحرين وعلى رأسها علانية الجلسات».
ومن جهته، قال رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي عبدالله الشملاوي: «إن ما حدث
يوم أمس الأول (الأحد) من منع دخول الجمهور للجلسة ليس فيه منافاة لحكم القانون، لأن
المحكمة كانت تهدف من وراء قرارها ذاك الحفاظ على جوٍ هادئٍ في الجلسة، تتمكّن من خلاله
هيئة المحكمة والدفاع وممثل النيابة العامة من مناظرة وقائع القرص المدمج الذي بدا
فيه المتهم ناجي فتيل، وقد أُحضِر إلى مبنى النيابة العامة من قِبل رجال الأمن وهو
باللباس الداخلي في حين كانت درجة الحرارة 10 درجات مئوية، إذ أننا كنا في نهاية ديسمبر/
كانون الأول العام الماضي، الأمر الذي يُعد بذاته وسيلة إكراهٍ مادي ومعنوي».
وأضاف الشملاوي «ما كان ينبغي أن تفوت النيابة العامة -وهي الحريصة على تطبيق القانون-
تلك المسألة لتنبّه على رجال الأمن المرافقين للمتهم ناجي من أن تلك معاملةٌ حاطة بالكرامة
الإنسانية، الأمر الذي يتنافى مع كل من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والدستور البحريني
وميثاق العمل الوطني، هذا بالإضافة إلى مشاهد العنف التي تعرض لها أهالي المتهم داخل
حرم النيابة العامة، الأمر الذي يعكس انطباعاً أنه من اليقين أن المتهم قد تعرض لعنف
في معتقله وامتد ذلك إلى الهيئة التي رُحّل عليها إلى النيابة العامة».
وأردف «ومع انضمام هذا الدليل إلى شهادات الشهود بأنهم رأوا المحققين (من رجال الأمن)
يعتدون بالضرب والإهانات المتنوعة على المتهمين، فضلاً عن تعليقهم لساعات طوال، ما
ترك آثاراً وندوباً أثبتها تقرير اللجنة الطبية المنتدبة من قِبل المحكمة رغم وضوحه
وكفايته للتشكيك في صحة أدلة الإتهام والشك كافٍ للحكم بالبراءة، الأمر الذي يجعل أي
اعتراف صادر عن المتهم سواء كان أمام رجال الأمن أو الذي يكرره المتهم بالنيابة العامة
كنسخة لما يستكتبه ويستنطقه لدى رجال الأمن تحت تهديد أن تغيير الأقوال يجعله يلاقي
الأهوال».
وتابع الشملاوي «الأمر الذي ينبغي أن تستشف منه المحكمة أن الاعتراف (حتى لو تصورنا
جدلاً أنه صادق) فإنه ينافي مبدأ الشرعية والمشروعية الجنائية، أي أن ذلك الدليل (حتى
لو صح) فقد تولّد من إجراء باطل، ولا شك أن ما بُني على الباطل يكون مثله في البطلان».
وانتهى الشملاوي إلى القول «ومن ثم يغدوا قرار محكمة الاستئناف بمنع الجمهور من دخول
القاعة في تلك الجلسة، أولاً ضمن سلطتها التقديرية القانونية، كان فعلاً في صالح المتهمين
بسبب الهدوء الذي ساد القاعة، الأمر الذي ما كان يتحقق لو سُمح للجمهور بالدخول، لكن
منع الصحافة من دخول قاعة الجلسة أمرٌ لا يمكن الدفاع عنه».
أما المحامية فاطمة الحواج فعلّقت على الموضوع بالقول: «تطبيقاً للفصل الخامس المتعلق
بنظر الدعوى وترتيب الإجراءات في الجلسة، إذ تنص المادة 214 على (يجب أن تكون الجلسة
علنية، ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب أن تأمر بسماع
الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها)، فإنه وبموجب
هذا النص كان قرار المحكمة مطابق للقانون، على اعتبار أن التفسير العام لكلمة النظام
العام، هي المصلحة العامة ولها تفسير واسع، وللمحكمة سلطة تقديرية في تقدير أن تجعل
الجلسة سرية، إذ إنه من الملاحظ في الجلسات السابقة أن أهالي المتهمين يثيرون الفوضى
في داخل الجلسة بالتحدث بصوتٍ مرتفع رغم تنبيه المحكمة لهم، إلا أنهم كانوا يتمادون
في عدم المحافظة على احترام هيبة القضاء، ولولا المصلحة العامة ما ارتأت المحكمة أن
تعقد الجلسة سرية، وهي جلسة تفريغ شريط مقدم من أحد هيئة الدفاع، والذي كان فيه ما
يدل على أن أحد المتهمين يرتدي ملابس داخلية أثناء وبعد التحقيق معه في النيابة العامة،
الأمر الذي اعتبره الدفاع إكراهاً مادياً وقع على المتهم أثناء التحقيق».
وأضافت الحواج «علماً أن المادة 205 من الفصل الثالث الخاصة بحفظ النظام في الجلسة،
تنص على أن لقاضي المحكمة حق الحبس مدة 24 ساعة لمن يقوم بفوضي داخل الجلسة ويخل بنظام
الجلسة، كما للقاضي الحق أن يغرمه مبلغ 10 دنانير، وهو الحكم الغير جائز في الاستئناف».
وتابعت «أعتقد أن المحكمة ارتأت أن تفريغ القرص المدمج أمام عامة الجمهور قد يضر بالمصلحة
العامة، ويثير حفيظة أهالي المتهمين، وأنه حفاظاً للمصلحة العامة منعت حضورهم».
وبشأن الصحافة ارتأت الحواج «عدم وجود ضرر من حضور الصحافة لجلسة المحكمة، إذ جرت العادة
أن الصحافيين لا يثيرون الفوضى، وهم يأتون كمستمعين، ولكن قد يكون قرار القاضي - في
الجلسة المعنية- خوفاً من الإثارة الصحافية التي قد تسبب نوعاً من الفوضى الاجتماعية
في الشارع العام، وعليه ارتأى المصلحة العامة بمنع الجميع من حضور الجلسة القضائية».
وعلى الصعيد ذاته، قال المحامي محمد التاجر أن «للقاضي السلطة التقديرية في مدى ملاءمة
السير في الدعوى علنية أو جعلها سرية، ولا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه أو قراراته،
ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، كما جاء في المادة 104 في الدستور».
وأردف «كما أن المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية توافقه المادة 3 من قانون السلطة
القضائية تفيد أنه يجب أن تكون المحاكمة علنية ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة للنظام
العام أو محافظة على الآداب، كما أن المحكمة من حقها أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو
بعضها في جلسة سرية أو تمنع فئات معينة من الحضور(ما عدا الحكم لا بد أن ينطق به علنيّاً)،
كما أن كل القانونين (قانون الإجراءات الجنائية) وقانون (السلطة القضائية) تقول إن
نظام الجلسة وضبطها منوطان برئيسها، وله في سبيل ذلك أن يخرج من يخل بنظامها وإن لم
يمتثل له أن يحكم عليه بالحبس فوراً لمدة 24 ساعة أو الغرامة 10 دنانير وحكمه في ذلك
لا يجوز استئنافه».
وفي المادة 205 من قانون الإجراءات الجنائية تقول «إن للمحكمة الحق في أن تحيل المتهم
للنيابة الذي أخل بنظام الجلسة أو تعدى على هيئة المحكمة أو أعضائها أو أحد العاملين
بها، ولها(المحكمة) أن تقيم الدعوى في الحال».
من جانبه، صرّح نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب أنه
«يجب أن تكون المحاكمة علنية بحضور الجمهور، وعلى المحكمة أن تعلن موعد ومكان الجلسة
للجمهور العام، ويجب إجراء جميع الدعاوى المدنية والجنائية في جلسات علنية بخلاف بعض
الاستثناءات المعمول في تحديد علانية وسرية الدعوى وهو طبيعة الاتهام، و يجوز تقييد
حق الجمهور في حضور جلسات الدعوى في بعض الحالات المحددة بدقة، والأسباب التي يجوز
من أجلها استبعاد الصحافة والجمهور العام من الحضور جميع جلسات الدعوى أو بعض الجلسات،
واحدة في كل من العهد الدولي والاتفاقية الأوروبية وهي الآداب العامة (بعض الدعاوى
قد تشمل على جرائم جنسية والنظام العام، والأمن القومي في مجتمع القومي، وعندما تصبح
السرية ضرورة للحفاظ على مصالح القُصّر أو الحياة الخاصة للأطراف، أو إذا رأت المحكمة
وجود ضرورة قصوى تتطلب ذلك في الحالات الخاصة التي تضر الدعاية فيها بمصلحة العدالة،
وقد فسرت جميع هذه الاستثناءات بدقة».
وأشار الغائب إلى «المادة 14 / 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
التي صدقت البحرين عليه، والتي تقول أنه يجب أن تتم المحاكمات في جلسات علنية مفتوحة
للجمهور العام، بما في ذلك الإعلاميون»، لافتاً إلى أن «القانون الدولي لا يمنح الدولة
سلطة تقديرية غير مقيدة لتحدد لنفسها القضايا التي تعتبرها ماسة بالأمن القومي، إذ
اشترط خبراء القانون الدولي والأمن القومي وحقوق الإنسان ما يلي لفرض هذا النوع من
القيود: لا يعد القيد المطلوب فرضه تحت مسوغ الأمن القومي مشروعاً، ما لم يكن الغرض
الحقيقي منه والأثر الناجم عنه والذي يمكن التدليل عليه، هو حماية وجود البلاد أو سلامة
أراضيها ضد محاولات لاستخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة، أو للحفاظ على قدرتها
للتصدي لأية محاولة لاستخدام القوة، أو لأي تهديد باستخدامها سواء أكان ذلك من مصدر
خارجي، مثل تهديد عسكري أو من مصدر داخلي، مثل التحريض على قلب نظام الحكم».
وأضاف الغائب «يجب أن يطبق ما جاء من نصوص واتفاقيات دولية من أجل ضمان محاكمة عادلة،
وهي الأمور التي تعطى في الدورات التدريبية للسلطة القضائية، ونفاذ القانون».
يذكر أن محكمة الاستئناف العليا الجنائية قررت سرية عقد جلسة محاكمة متهمي ديسمبر،
والتي خصصت لمناظرة قرص مدمج قدمته هيئة الدفاع عن المتهمين.
دستور
مملكة البحرين
قانون
الصحافة
قانون
الإجراءات الجنائية
قانون
رقم (56) لسنة 2006 بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية
قانون
رقم (50) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (42) لسنة 2002
قانون
رقم (41) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (46) لسنة 2002
مرسوم
بقانون رقم (42) لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية
مرسوم
بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
مرسوم
بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر
مرسوم
رقم (33) لسنة 2001 بتعيين قضاة في محكمة الاستئناف العليا المدنية
أمر
ملكي رقم (5) لسنة 2003 بتعيين أعضاء النيابة العامة
قرار
رقم (7) لسنة 1971 بشأن دوائر المحكمة الكبرى
قرار
رقم (10) لسنة 2001 بشأن الترخيص بتسجيل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
إعلان
بشأن الصحافة
إعلان
بشأن الاستئناف
العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اتفاقية
حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)
توسيع
استقلالية السلطة القضائية
الاستئناف
تؤجل قضية مساعدي النيابة لرد الطاعنين
الدستور
يؤكد أن الصحافة الحرّة إحدى دعائم الديمقراطية
الداخلية:
تلتزم بتطبيق الضوابط بقانون الإجراءات الجنائية
جمعية
المحاميـن تنظـم ندوة حـول قانـون الصحافة والنشـر