جريدة أخبار الخليج - العدد 11623 - الاثنين 18 يناير 2010
الأمين العام المساعد للتنظيم النقابي: تخفيض ساعات العمل لأقل من 8 ساعات له مبرراته
كتب: مكي حسن
أثارت دعوة الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان المحفوظ الى تخفيض
ساعات العمل جدلا في وسط الشارع البحريني ولاسيما أنه وصف نظام الثماني الساعات بـ
"النظام الذي عفا عليه الزمن".. أي بمعنى انه لابد من البحث عن نظام ساعات عمل أفضل
جدوى وأكثر حداثة.
ولتسليط مزيد من الأضواء على هذا الموضوع، التقت "أخبار الخليج" الامين العام المساعد
للشئون التنظيمية محمد عبدالرحمن، وحاورناه لمزيد من التوضيح.
قال محمد عبدالرحمن عندما نصح الامين العام بتخفيض ساعات العمل عن 8 ساعات في اليوم،
فإنه استند الى عدة حقائق اقتصادية واجتماعية بالإضافة الى التوجهات الدولية لتطبيق
الأجر اللائق الذي يتناسب مع العمل اللائق، وبالتالي من المهم جدا توفير حياة كريمة
للمواطن من خلال ساعات عمل أقل (متفق عليها) بين أرباب العمل من جهة، والعاملين من
جهة أخرى، وفي إطار قانون العمل والنظم العامة في أي بلد.
وسألناه، ألا يعني تخفيض ساعات العمل تخفيض لانتاجية العامل؟ فقال مستشهدا بالنظام
الرأسمالي: "إن التراجعات التي حصلت إبان الازمة المالية العالمية، كان سببها تحديد
ساعات العمل في هذه المصارف التي تعرضت لهزات مالية، منوها الى ان تخفيض ساعات العمل،
ينبع من منطلقين هما، الأول اجتماعي والثاني اقتصادي".
وتابع: ففي الجانب الاجتماعي يجب على العامل ان يعمل من أجل حياته، ويكون له وقت لعائلته،
ومجتمعه منوها الى ان العمل لساعات طويلة وقودها أمران، الأول: ابتعاد العامل عن عائلته
مما يؤثر سلبا في تربية أولاده وبناته، والثاني العمل لساعات طويلة يفقده الصحة، وهي
أغلى ما يملكه الانسان.
أما من الجانب الاقتصادي، فإنه يجب ان يكون هناك ضمانات للعامل ضد البطالة والتعطل
المؤقت، ولذا نلحظ ارتفاع نسبة البطالة في النظام الاقتصادي الرأسمالي، وعلى هذا الأساس،
نقول: "ان تقليص ساعات العمل، يجب ان يبقى بابا مفتوحا للحوار المتواصل بين أطراف العملية
الإنتاجية".
كما ان جزءا كبيرا من القطاعات العمالية، التي يغلب على عملها القساوة، من مصلحتها
أن تأخذ التقاعد المبكر، والتمتع بامتيازات، بينما على أرض الواقع نرى أن العديد من
المؤسسات تقر التقاعد المبكر على العمال البحرينيين، ولا توفر لهم أبسط مقومات المعيشة
لمرحلة التقاعد المبكر، ولاستدامة حياة هذا العامل الذي قدم زهرة شبابه الى هذه المؤسسة
الصناعية أو الخدماتية طوال سنين طويلة.
ثم سألناه، وماذا تقول الاتفاقيات الدولية بهذا الصدد؟ فقال: "إن الاتفاقيات الدولية
تسعى للحد من ساعات العمل الطويلة، والحد من استغلال العمال، والعمل على تحسين مستوياتهم
المعيشية حيث تأتي الأجور في مقدمة هذه الأسس"، وبالتالي فإن الدعوة لتخفيض ساعات العمل
الى أقل من 8 ساعات في اليوم أو أقل من 48 ساعة في الأسبوع في محلها الصحيح.
واستدرك محمد عبدالرحمن، وهو يتحدث لنا عن رأيه حول الموقف الدولي من ناحية أخرى، قائلا:
"إن تخفيض ساعات العمل، كمفهوم عام، يفهم منه أن التوافق على حد معين بين أصحاب المؤسسات
والعمال يفترض ان يكون من خلال نقاباتهم العمالية"، لكن الشائع أن المؤسسات لا ترغب
في النزول عن 8 ساعات عمل، وبالتالي فإننا في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين،
نعتقد بأهمية ابقاء باب الحوار حول مثل هذه القضايا الرئيسية مفتوحا، وبما يؤدي بالنتيجة
الى حل توافقي بين الاطراف المعنية.
ولم يتفق الأمين العام المساعد للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (محمد عبدالرحمن)
في موضوع انعكاس خفض ساعات العمل على تراجع الإنتاجية، وقال: "هذا ليس صحيحا لأنه في
ظل التقنية الحديثة والمتقدمة، يمكن الاستعاضة بخفض ساعات العمل بتوظيف المكننة والتكنولوجيا".
وتساءل لماذا يقال ان تخفيض ساعات العمل يؤثر سلبا على الإنتاجية، ولا يقال عن توظيف
عمالة خارج اطار القانون، وتوظيف عمالة بالنظام الجزئي، وتوظيف بعقود مؤقتة، وترك العمالة
سائبة في البلد لا يؤثر سلبا على العملية الإنتاجية؟
وحول تحديد الحد الأدنى من الأجور رغم صدور توصية من مؤتمر الأجور، رفعت الى الجهات
الحكومية، فما هو المستجد في هذا الشأن؟ فقال: "كنا نتمنى من الجانب الحكومي أن يدرس
القضايا، ويخرج برؤيا قانونية صحيحة تؤمن الحد الأدنى من الأجور وساعات العمل مع العلم
ان حكومة البحرين صدقت على اتفاقية الحد الأدنى للاجور في الاتفاقية العربية عام 1984".
وشدد في نهاية اللقاء على أهمية وجود الحد الأدنى للأجور كضرورة ملحة حيث لم تعد الطبقة
الوسطى في المجتمع تحافظ على مكانتها، وأن الأمور الاقتصادية تدفع بتوسيع نطاق فئة
ذوي الدخل المحدود، وهذه (فئة الدخل المحدود) تعيش تحت خط الفقر.
كما لا ينكر أحد أن التدفقات المالية في السنوات الأخيرة جيرت باتجاه دعم القطاع العقاري،
وهضم حقوق القطاعات الاقتصادية والعمرانية والاستثمارية والبنية التحتية في الحصول
على الدعم المالي اللازم لتطويره.
ونوه بأن مملكة البحرين من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية العمل اللائق وربط ذلك
بالأجر الكريم والتوسع في الحريات النقابية، وتوفير البيئة الصحية المناسبة للعمال
أينما كانوا ليبقوا بعيدا عن الإصابة بالامراض ومخاطر العمل قدر الامكان.