جريدة الوسط - العدد : 2774
الأحد 11 أبريل 2010م الموافق 26 ربيع الثاني 1431هـ
في ندوة نظمتها «الوسط»
تحدث خلالها محامون وحقوقيون:
«منع النشر» يقتصر على مجريات التحقيق بالقضية لا الدفاع والرأي
الوسط - صادق الحلواجي
والقضاء أفصح حقوقيون ومحامون عن أن قرارات منع النشر قضائيا ينبغي أن تُقتصر على مجريات
سير التحقيق والأمور المؤثرة عليه فقط، وأنه لا ينبغي للنيابة العامة أن تحاسب الصحافة
والمحامين على الدفاع والموقف تجاه قضايا الرأي العام.
واتفقوا على أن ما ينشر في الصحافة ليس من أسرار التحقيق، باعتباره وجهة نظر وموقف
المدافع، وأن ما يجب أن يُحظر إجراءات التحقيق التي قد تؤثر على أطراف وطريقة سير العملية،
والفائدة منصبة على السير الحقيقي للقضية دون التأثير على مجريات التحقيق.
ونوه المحامون إلى أن هناك ثغرات في القانون تتسبب في الكثير من الترهلات في القضاء
البحريني، لاسيما أن آثار ذلك تظهر من حين لآخر بأوجه مختلفة وفي مواقع مختلفة أيضا.
جاء ذلك في ندوة نظمتها صحيفة «الوسط»، كانت تحت عنوان «منع النشر قضائيا»، وتحدث خلالها:
المحامية فاطمة الحواج، والمحامية سناء بوحمود، وعضو الأمانة العامة للجمعية البحرينية
لحقوق الإنسان عيسى إبراهيم. وفيما يلي نص الندوة:
ما هي المسوغات القانونية التي تخول النيابة العامة إصدار مثل هذه القرارات بمنع النشر
في بعض القضايا؟
- الحواج: نعم، هناك مسوغات قانونية تخول إصدار قرار بالمنع يصدر من نصين مهمين في
قانون الإجراءات الجنائية، هي المادة 83 من القانون نفسه، والمادة 40 من قانون الصحافة
والنشر، الذي يحظر على الصحيفة تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة بما يؤثر
على صالح التحقيق أو المحاكمة أو بما يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة،
وتلتزم الصحيفة بنشر قرارات النيابة العامة ومنطوق الأحكام التي تصدر في القضايا التي
تناولتها الصحيفة بالنشر أثناء التحقيق أو المحاكمة، وموجز كافة الأسباب التي قامت
عليها، وذلك كله إذا صدر القرار بالحفظ أو بالأوجه لإقامة الدعوى أو صدر الحكم بالبراءة.
النيابة العامة خالفت نص القانون في هذا الجانب عدة مرات وفيثلاثة قضايا مهمة مختلفة
خلال الأعوام الماضية. وعند طرح هيئة الدفاع المعلومات وتداول الموضوع عبر الصحف بتوجه
مخالفٍ لما أرادته النيابة أو جهات أخرى، يتم مباشرة إصدار قرار منع النشر.
وهذه القرارات تعتبر ضد المحاكمة العادلة، فهناك نحو 30 حقا للمتهم ضمنها القانون،
ومن حق هيئة الدفاع تبرئة موكلها بنفس الطريقة التي بدأت النيابة في التعامل بها؛ لأنها
أول من تنشر المعلومات وبالتالي تحظر تداول الموضوع.
النيابة العامة لم تحافظ على أسرار عدة قضايا بحسب القانون الذي استندت إليه في منعها
النشر سابقا.
المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية، نصها مطاطي، ويجب أن يكون من حق المتهم أن
يحاكم علنيا وخصوصا في القضايا ذات الطابع السياسي.
قرارات منع النشر قضائيا، ألا تؤثر على إخفاء الحقائق والمعلومات الصحيحة؟
- بوحمود: الأمر جائز بحسب القانون بحسب نصٍ من المحكمة أو النيابة العامة، لكن إذا
كانت النيابة هي أول من صرحت بهذه المعلومات وإفشائها، فمن حق الطرف الثاني أن يرد
على هذه المعلومات، وأن يبين للجهات الأخرى صحة موقفه، وإلا فإن الأمر غير عادل وفيه
نوع من الإجحاف بحق المتهم.
مشكلتنا الأساسية في ظل ادعائنا بالديمقراطية، في القانون نفسه، ولابد من وجود حراك
فعلي لتعديل جميع القوانين، فهي تتطلب إعادة صياغة ونظر من الناحية القانونية البحتة.
فأساس قرارات منع النشر نابعة من خلل في القوانين نفسها، وليس في العمل بها من عدمه.
أنا كمحامية من حقي الإدلاء بالمعلومات التي لدي، والنيابة هي جهة أولى تحقق في الموضوع،
وعند النشر لا يعني ذلك النيل من شخص المتهم وخصوصا في القضايا المهمة والحساسة التي
تنتابها أطراف مهمة في البلاد.
وهل تخالف هذه القرارات مبادئ الشفافية التي نص عليها الدستور والقانون على حد سواء؟
- إبراهيم: الجانب القانوني ينص على أن المتولي على الدعوى والتحقيق هو النيابة العامة،
وأن على أعضاء النيابة العامة ومساعديهم من خبراء وفنيين عدم إفشاء الأسرار المتعلقة
بالتحقيق، فالعقاب يجب أن يوجه لعضو النيابة وليس للناشر بحسب وجهة النظر المستنبطة
من المادة القانونية.
وما ينشر في الصحافة ليس من أسرار التحقيق؛ لأنه وجهة نظر وموقف المدافع، وما يجب أن
يحظر إجراءات التحقيق التي قد تؤثر على أطراف وطريقة سير العملية. والفائدة منصبة على
السير الحقيقي للقضية دون التأثير على مجريات التحقيق.
قد أتفق شخصيا مع بوحمود في ترهل نصوص القانون، لكن حتى نصوص القوانين غير المقرة من
قبل النواب، ذاتها لا يتم الالتزام بها.
النصوص تستخدم سياسيا، وعلى السلطة القضائية عدم اتباع هذا المنهج لأنه بدا واضحا.
فالكثير من القوانين تطبق في أوقات وعلى قضايا دون أخرى، علما أن النيابة العامة كشفت
مرارا عن أسماء وصور متهمين بقضايا كبرى قبل فترة.
اعتقد أن استخدام النصوص القانونية أمر مقتصر على وقائع ومجريات التحقيق، وليس من حق
النيابة منع نشر تصريحات محامي الدفاع بشان تبرير موقف المتهم. على ألا يفصحوا عن تفاصيل
ما جرى وسيجري في التحقيق.
الحواج: هناك صحافيون يزايدون كثيرا في بعض القضايا، وربما قد تسببوا كثيرا في إصدار
قرارات المنع في عدة قضايا سالفة.
هل يسمح القانون بالطعن في مثل هذه القرارات؟
- بوحمود: لا يمكن الطعن في القرار، لكن يمكن التظلم فيه بحسب القانون المعمول به.
وما مكانة ذلك في الحد من حرية الصحافة محليا؟
- إبراهيم: القرارات المماثلة تعد مؤشرا على تراجع الانفتاح السياسي في البلاد، وبتقديري
الشخصي أن التراجعات مستمرة على مختلف المستويات، وليست في الصحافة فقط.
رئيس مجلس بلدي المنطقة الشمالية يوسف البوري كان من بين الحضور، قال: ما يجري لا يتناغم
مع مرحلة الإصلاح السياسي، والنيابة هي من تشعل النار وتضطر لإطفائها بالتالي. فالكثير
أصبح يعي أن تحريك غالبية القضايا التي منع النشر بشأنها كانت لهدف سياسي. وما يجري
في الآونة الاخيرة أخطاء شنيعة تجري من جهات قانونية لوجود البعد السياسي. لكن هل يحق
لهذه الأطراف التي تضررت من هكذا نوع من التعامل في قضاياها مقاضاة النيابة العامة؟
وهل قرار منع النشر يتعارض مع قانون الصحافة؟
- بوحمود: إذا كانت النيابة هي من صرحت بالمعلومات بداية، فإن من حق المتضرر أن يرفع
دعوى قضائية، شريطة أن يكون المصدر الذي صدرت منه تسريبات موثقة. علما بأنه إذا سعينا
إلى تعديل القوانين سنصل إلى نتيجة إيجابية؛ لأن الثغرة الوحيدة هي القانون.
الحواج: رفع الدعوى القضائية ضد النيابة لا يجوز والقانون لا يكفل ذلك، حتى لو تضررت.
ولا يمكن الحصول على رد اعتبار اجتماعي.
وإلى أي مدى يمكن أن يكون القرار ساري المفعول؟
- الحواج: النشر ممنوع وساري المفعول طوال ما أنه معمول به في النيابة ولم تبطله هي
بنفسها، لكن المحاكمة يجب أن تكون علنا ولا يجوز قانونا منع نشرها وتداولها. وبعد صدور
الحكم لا يجوز لأحد أن يحظر التداول في القضية بتاتا.
الزميل قاسم حسين: هل هناك إمكانية لكسر الحصار بالنسبة للمحامين والصحافيين على حد
سواء في النشر بالخارج؟ وهل سيتم ملاحقته أم لا؟
- الحواج: القانون يطبق على البحرينيين كون المحامي والصحافي بحرينيين، باعتبار أن
القرارات البحرينية تُطبق على البحرينيين. وإذا تكلم الصحافي أو المحامي البحريني في
الخارج فينطبق عليه القانون لكونه موجودا بداخل البحرين حتى لو نقل الموضوع إلى خارج
البلاد.
عضو الأمانة العامة بجمعية العمل الإسلامي (أمل) رضوان الموسوي: بعض الأحيان الصحافة
هي من تضع لها سقفا، وهو ما كان يجب أن يضعه الصحافيون بأنفسهم بالنسبة للقانون الجديد،
وعلينا أن نضع النقاط على الحروف، والكشف عن الاطراف التي وراء كل قضية وملابساتها،
ولا يمكن لأي متهم أن يتحرك في البلاد من دون أطراف مساعدة. ما تعليقكم كمحامين على
ذلك؟
- الحواج: دور الصحافيين كجمعية كبير في إلغاء النصوص التي تحد من حريتهم؛ لأن المحامين
يعتمدون على الصحافيين في نشر الحقائق.
النيابة قد تفشي معلومات قد تضر بالمتهم، ألا يعطي ذلك ذريعة لمحاسبتها في حال التشهير
أو تشويه السمعة وغيرها؟
- الحواج: القرار مطبق على المحامين والصحافيين والمتهمين فقط، وليس من الواقع أن يتم
محاسبة وكيل أو رئيس للنيابة العامة، وخصوصا في البحرين.
الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لديها موقف مخالف بشأن هذه القرارات، فما وجهة نظرها
خصوصا في القضايا ذات الطابع السياسي التي تهم الرأي العام؟
- إبراهيم: أصر على أن قرار منع النشر يقتصر على مجريات سير التحقيق فقط، ولا يمكن
للنيابة أن تحاسب الصحافة والمحامين على وجهة النظر والموقف تجاه قضية رأي عام.
إذا كان الصحافيون لديهم استعداد للمواجهة في هذا الجانب للحد من تقييد طبيعة عملهم،
الاستمرار في النشر ومقاومة تحركات الجهات القضائية بالتالي.
القانون فيه ثغرات، لكن كيف يمكن تعديل القانون بما لا ترضى به الحكومة، وخصوصا أن
أحد المجلسين التشريعيين حكومي بحت. فالنظام القضائي السائد في البلد يعاني الكثير
من نقاط الضعف.
قانون
الصحافة
قانون
الإجراءات الجنائية
مرسوم
بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
مرسوم
بقانون بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر
مرسوم
بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر
مشروع
قانون تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الصحافة
الدستور
يؤكد أن الصحافة الحرّة إحدى دعائم الديمقراطية
مراسلون
بلا حدود قلقة بشأن قصور تعديلات قانون الصحافة